كم كنت أتمنى

 

ابن سورية دكتور مهندس عدنان وحود

 

لا أريد بهذه الكلمات صياغة تقرير يوضح ما يجري أو يعلق على ما يجري في بلدي سورية ..  فالصحف والفضائيات ومواقع الشبكات العنكبوتية لتغص بما كتبه الكتاب وأذاعه المذيعون وصوره المصورون .. فيستطيع كل إنسان أن يصل إلى المعلومة وإلى الموقف الذي سوف يستخلصه لنفسه إزاء ما يحدث


وبما أنني لست بالكاتب الصحفي أو السياسي المتمرس على إجادة التعبير ، ولا أنتمي لأي حزب أو تجمع سياسي أو غير سياسي . بل إن انتمائي إنساني الأساس ، سوري المولد ، وسوري ألماني المواطنة . سوف أقتصر بهذه الكلمات على التعبير عن ملاحظاتي وعن موقفي الشخصي تجاه ما يحدث  في  سورية ، كإنسان حر يؤمن بالأخوة تجاه كل إنسان على وجه المعمورة ، و يؤمن بالحفاظ على حق الحيوان والرفقة به ، كما يؤمن بالحفاظ على البيئة التي خلقها بارئ الأكوان


سورية بلد حر مستقل ، يجب أن يستطيع مواطنوه الأباة الأعزاء أن يتمتعوا بحرية المعتقد ، وحرية التعبير عن الرأي ، وحرية الانتخاب الديمقراطي للنظام السياسي ، الذي يسير بهم نحو أهدافهم السامية وآمالهم الطموحة


النظام الشمولي الديكتاتوري لا يسير بالبلاد – شاء أو أبى – إلا في طريق الفساد والاستغلال والظلم والتقهقر


لا يوجد أي مبرر صادق للتمسك بتطبيق قانون الطوارئ على الحياة العامة في سورية منذ عشرات السنين وإلى الآن


لا يتناسب ومتطلبات العصر الحديث ، أن يحكم سورية أي رئيس إلى الأبد ، وأي حزب قائد حسب أي دستور ، دون إمكانية ترك الحرية للشعب في تكوين الأحزاب السياسية ، التي تمثل الشعب ، وتعبر عن أهدافه وطموحاته وآماله وتقوده نحو طريق التقدم والعيش الكريم


المظاهرات الشعبية السلمية الحضارية التي عمت الكثير من المدن والقرى في سورية ، لتعبر أصدق تعبير عن الأصالة والوعي والنضوج السياسي لهذا الشعب الأبي ، وتكشف  عن  مدى التضحية والفداء ، التي يمكن أن يبذلها في سبيل الحرية والكرامة والعزة والإباء ، وتؤكد عل توحد وتجانس تطلعاته ومطالبه السامية العادلة


أدين وبكل حزم وشدة كل أعمال القمع والعنف ، التي تواجه بها مثل هذه المظاهرات الشعبية السلمية الحضارية في سورية الحبيبة


لا أستطيع أن أصدق نظرية المؤامرة والاندساس والمندسين . إن من يوجه عنفه وسلاحه إلى المتظاهرين الشعبيين السلميين الحضاريين في سورية هو عدو للحرية والديمقراطية والعزة والكرامة والإباء


إن تعاطي وتفاعل الفضائية السورية  مع الأحداث الجارية في سورية بعيد كل البعد عن أية مصداقية ، ولا يتسم بأية جدية ، ويستهين بعقول المشاهدين أشد استهانة


على مدى عدة سنوات وأنا أقرأ باهتمام المقالات الأسبوعية للدكتورة بثينة شعبان ، لما كانت تبعث في نفسي من عظيم الأمل .. لكن اعتقال الفتاة السورية طل الملوحي من قبل النظام ، الذي تمثل الدكتورة بثينة أحد أركانه ، جعلني أحيل هذه المقالات إلى سلة المهملات . طل الملوحي تنادي بقيم الحرية لكل إنسان ، والعدل بين البشر ، والديمقراطية لكل الشعوب . إذا كانت الدكتورة بثينة جادة في مقولاتها ، فلتطالب بإجراء محكمة مستقلة وعادلة وعلنية – على شاشة التلفزيون –. خيانة الوطن كبيرة ولكن لصق الخيانة بالبرئ خيانة أعظم . لقد سرني أن الدكتورة بثينة زارت اليابان ، ورأت بأم عينها أن مقومات التقدم الحضاري مرتبطة أشد الإرتباط بمكانة الإنسان ، وصيانة كرامته . إن المطالبة بالحرية والعدل والديمقراطية ، هي ليست بمثابة إعلان حرب على أي نظام ، يهدف بصدق إلى الوحدة والحرية والاشتراكية


 إن منظر طرح الشباب السوريين أرضا ، وجعل أيديهم موثوقة إلى الخلف ، ودعس أجسادهم بالأقدام ، وركل وجوههم وجباههم بنعال رجال الأمن السوري ، لهو منظر ، يندى له جبين أي حر من الأحرار ، ويكفي أن يكون مبررا  لتنحي أي مسؤول،  يأخذ على عاتقه بصدق أمن البلاد ، وأن يعري أي نظام يرتدي عباءة الدفاع عن الأمة والسير على طريق تحقيق أهدافها ، وأن ينحي عنه مقومات وجوده


كم كنت أتمنى ، لو أن بشار ووليد وبثينة ونجاح انتهزوا هذه الفرصة التاريخية ، وساروا مع الشعب السوري الأصيل على طريق الحرية والديمقراطية والعزة والكرامة والإباء ، ولم ينسجوا ، ويصوروا في الخيال نظرية مؤامرة التطرف ، والمؤامرة الخارجية التي هي أوهن من بيت العنكبوت


تحية لكم شهداءنا الأبطال ، والصبر والسلوان لشعبنا الصامد .. تحية لكما الفنانين القديرين سميح شقير وعلي فرزات .. إنكما لتعبران بالكلمة والصوت والصورة عما يخلج في وجدان كل إنسان سوري حر أبي مخلص لله والوطن .. تحية لكم رجال ونساء سورية الأحرار في مدنكم وقراكم  ، وسفحكم وجبلكم ، وجزيرتكم وشاطئكم ، وواديكم وأينما كنتم .. هيا بنا يا أحرار سورية لنرفع كيان الخيمة التي ستظل بوسعها ورحابتها جميع أبناء سورية بأديانهم وطوائفهم وتطلعاتهم المخلصة ونبني مستقبل سورية الباهر ونأخذ موقعنا الحضاري اللائق بين الأمم

 

لينداو في 17 نيسان 2011